أزمة الشيكات بدون رصيد تهدد الاقتصاد الأردني | تفاصيل


السبت 20 ابريل 2024 | 05:33 مساءً
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
العقارية

اشتعلت المخاوف في الأردن من ولادة أزمة اقتصادية جديدة بعد أن شمل العفو الذي أقره البرلمان مؤخراً قضايا الشيكات بدون رصيد، وهو ما يعني إسقاط العقوبات الجزائية عن آلاف المدينين في البلاد.

أزمة الشيكات بدون رصيد تهدد الاقتصاد الأردني

وقد ينعكس هذا الأمر سلباً على الشركات والبنوك، في الوقت الذي رأى فيه بعض المراقبين أن هذا العفو شكَّل في المقابل حلاً لأزمة أخرى وهي "الغارمات"، وهن النساء اللواتي تعثرن في سداد ديون صغيرة مستحقة عليهن وانتهى بهن الأمر إلى السجن دون أن يكون لديهن أية نوايا إجرامية مثل النصب والاحتيال.

وصادق الملك الأردني عبدالله الثاني على قانون العفو العام لسنة 2024 في الثاني من أبريل الحالي بعد أن أقره البرلمان، ليدخل حيز التنفيذ فعلياً يوم الثالث من الشهر الحالي وتبدأ السلطات المختصة بتنفيذه على الفور وإطلاق سراح المشمولين في القانون.

ويشمل قانون العفو أكثر من سبعة آلاف سجين، حيث بموجبه بدأت السلطات الأردنية الإفراج عن 7355 مسجوناً، منهم 4688 بجنح مختلفة، و2667 من الجنح المرتبطة بالمخدرات.

وقال المحامي والخبير في القضايا التجارية الدكتور إبراهيم أبو حماد في، إن هذا العفو العام هو الرابع منذ أن تولى الملك عبد الله سلطاته الدستورية في الأردن، لكنه لأول مرة يشمل قضايا الشيكات بدون رصيد، واعتبر أن "هذا تمهيد على ما يبدو لإلغاء الشق الجزائي في هذا النوع من القضايا وجعله يقتصر على الجانب المدني"، وفقًا للعربية.

لكنَّ أبو حماد أكد أن إلغاء عقوبة الحبس عن الشيك بدون رصيد، سواء بموجب قانون العفو العام، أو في حال تم تعديل القوانين الجزائية في الأردن لا يعني توقف ملاحقة المدين، وإنما تظل مطالبته بالوفاء بالدين قائمة.

وأظهرت بيانات رسمية نشرتها الشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص "جوباك" أن عدد الشيكات المتداولة خلال الربع الأول من العام الحالي بلغ 1.6 مليون شيك بقيمة 9.7 مليارات دينار (13.58 مليار دولار أميركي).

ويقول أبو حما، إن قانون العفو شمل أكثر من 160 ألف طلب قضائي بحق أشخاص أصدروا شيكات من دون رصيد، مؤكداً "هذه عبارة عن أزمة اقتصادية قادمة وسوف ترفع من حجم الديون المعدومة لدى الشركات والبنوك في الأردن".

وأضاف أبوحماد: "لديَّ شيكات بقيمة 200 ألف دينار أردني (282 ألف دولار) ذهبت الى سلة المهملات"، وأشار الى أنه "المشكلة في الأردن أنه لا يوجد طريقة فعالة للتحصيل، وذلك بسبب طبيعة الاقتصاد وطبيعة الائتمان الشخصي، وكذلك بسبب سلوكيات الناس التي تعتمد على تداول السيولة النقدية (الكاش)، مع غياب لثقافة الرهن، كما أن التجار يعتمدون في أعمالهم وتداولاتهم على الشيكات بشكل رئيس دون أية ضمانات أخرى".

وبحسب أبو حماد فإنه في حال عدم وجود عقوبة جزائية على الشيك بدون رصيد فسوف يتمكن الدائن ومحاميه من الحصول على قرار من المحكمة بوجوب السداد، لكن المشكلة حينها ستكون في كيفية إجبار المدين على الوفاء بالدين والامتثال لقرار المحكمة.

وطالب أبو حمّاد بإيجاد تدابير احتياطية لإجبار المدين على السداد والاستفادة من التجارب الخليجية والأوروبية والأميركية في الشمال والجنوب التي تكفل سرعة البت في القضايا التنفيذية، وتفعيل نظام المعلومات الائتمانية.

وفي المقابل يقول الكثير من المراقبين في الأردن بأن قانون العفو العام بشموله قضايا الشيكات بدون رصيد فانه يُشكل حلاً لواحدة من الأزمات التي ظلت موضع جدل في البلاد طيلة السنوات الماضية، وهي ظاهرة "الغارمات"، وهن النساء المتعثرات واللواتي لم يتمكنَّ من الوفاء بديونهن فانتهى بهن الأمر الى السجن، وذلك على الرغم من أن بعض هؤلاء السيدات هن سيدات أعمال وبعضهن لديهن قروض صغيرة اضطررن لها على أمل أن تكون بداية للاعتماد على أنفسهن.

وبحسب بيانات تعود الى العام 2019 فيوجد في الأردن 5672 سيدة مطلوبات للتنفيذ القضائي بسبب قروض مالية تقل عن ألف دينار أردني (1400 دولار أميركي)، وكان صندوق الزكاة أطلق حينها "الحملة الوطنية لسداد ديون الغارمات" بهدف تسوية هذه القضايا وحماية السيدات من السجن.

وتكفل الملك عبد الله الثاني في وقت لاحق بسداد الديون عن 1500 سيدة من "الغارمات" لحمايتهن من الحبس، فيما يأتي قانون العفو ليشمل هذا النوع من القضايا وينهي أزمة الكثير من العائلات التي تواجه فيها الأم خطر السجن بسبب ديون مالية صغيرة.